يغفل الكثير من النَّاس عن كيفيّة التّعامُل مع التهاب الجهاز التنفسي العلوي البكتيري والفيروسي، فقد تَزعِجَهُم الأعراض المُصَاحِبة لتلك الالتهابات، ولكن تختلف طريقة التعامل مع تلك الأعراض من شخص إلى آخر؛ فيسعى بعض الأشخاص لتناول بعض الأدوية التي تُخَفِّف من حِدِّة تلك الأعراض، كالمُسَكِّنات ومضادات الالتهابات، بينما يسعى البعض الآخر إلى تناول المضادات الحيويّة ظنًا منهم أنَّها سَتُحَسِّن من أعراض التهاب الجهاز التَنَفُّسِي لديهم دون الالتفات إلى سبب تلك العدوى – التي أدت لحدوث ذلك الالتهاب – والتي لا تستدعي في أغلب الأحيان تناول المضادات الحيويّة، فدعونا نَتَعرَّف في السطور القادمة على الفرق بين التهاب الجهاز التنفسي العلوي البكتيري والفيروسي، ونناقش أيهما أخطر الالتهاب البكتيري أم الفيروسي.
مكونات الجهاز التنفسي العلوي
يتكوّن الجهاز التَنَفُّسِي العلوي من الأنف، وجوف الأنف، والفم، والحلق – البلعوم – والحنجرة؛ وقد يُصاب أي جزء من أجزاء الجهاز التَنَفُّسِي العلوي بالعدوى الفيروسية أو البكتيرية، وتختلف طرق علاج التهاب الجهاز التنفسي العلوي تبعًا لنوع العدوى المُسَبِّبَة لذلك الالتهاب. [1]
التهاب الجهاز التنفسي العلوي الفيروسي والبكتيري
تصنف عدوى الجهاز التَنَفُّسِي العلوي على أنَّها من أكثر الأمراض التي يُشَخِّصها الأطباء بالعيادات الخارجية بالولايات المتَّحدة الأمريكية، فعدد الزيارات السنوية لمرضى التهاب الجهاز التَنَفُّسِي العلوي حوالي 10 مليون زيارة؛ بالإضافة إلى ذلك، فهذا النوع من العدوى هو من أبرز أسباب غياب الطلاب بالمدارس، وأيضًا غياب الموظفين عن العمل.[2]
الأطفال هم الفِئة الأكثر إصابة بالتهابات الجهاز التَنَفُّسِي العلوي – مقارنة بالبالغين – لضعف جهاز المناعة لديهم، وتزيد فرصة الإصابة بهذه العدوى في فصلي الشتاء والخريف.[3] وتشمل التهابات الجهاز التَنَفُّسِي العلوي؛ الزكام، والتهابات الجيوب الأنفيّة، والتهاب البلعوم، والتهاب لسان المزمار والتهابات الحنجرة والقصبة الهوائية.[4]
في أغلب الأحيان، تحدث التهابات الجهاز التَنَفُّسِي العلوي نتيجة عدوى فيروسية، ولكن، قد يكون للبكتيريا دورًا أيضًا في حدوث عدوى الجهاز التَنَفُّسِي العلوي ولكن بنسبة أقل، وسنناقش ذلك باستفاضة في السطور القادمة. [4]
الزكام
يُصَنَّف الزكام على أنَّه من أكثر أنواع عدوى الجهاز التَنَفُّسِي شيوعًا عند الأطفال والبالغين، وتُعتَبر العدوى الفيروسية هي السبب الرئيسي في أدوار الزكام، ولكن مازال هناك شىء من الغموض في معرفة الأسباب الأخرى للإصابة بالزكام؛ فحوالي 30% إلى 40% من أسباب الزكام مازالت مجهولة حتى الآن.[5]وتشمل أعراض الزكام:[5]
- العطس واحتقان الأنف.
- السعال واحتقان الحلق.
- الصداع و آلام العضلات.
- الحمى – نادرة الحدوث مع أدوار الزكام.
لا داعي للمبالغة في تناول الأدوية عند الإصابة بالزكام؛ فيكفي تناول السوائل الدافئة مع الراحة، ويمكن استخدام مضادات احتقان الأنف، إذا لزم الأمر.[5]
التهاب الجيوب الأنفية
الجيوب الأنفيّة هي تجويفات فارغة داخل الجمجمة وعظام الوجه[6] – حول منطقة الأنف – وتحدث عدوى الجيوب الأنفيّة عند تجمع السوائل داخل هذه التجويفات – sinuses – مما يجعلها مناخ مناسب لحدوث أي عدوى؛ فيروسية أو بكتيرية.[7]
التهاب الجيوب الأنفية الفيروسي
تختلف أعراض التهاب الجيوب الأنفيّة تبعًا لنوع العدوى[8] – فيروسية أو بكتيرية – وإليكم أعراض التهاب الجيوب الفيروسي:[8]
- سيلان واحتقان بالأنف.
- احتقان بالحلق.
- العطس والسعال.
وقد يلاحظ المريض تَغيُّر طفيف بِلَوْن المُخاط، ولكن في الغالب لا يحدث ذلك على الإطلاق. [8] ويشمل علاج التهاب الجيوب الأنفيّة الفيروسي؛ شرب السوائل الدافئة، وتناول مضادات الاحتقان والمسكِّنات، بالإضافة إلى استخدام بخاخات الأنف، التي تحتوي على محلول الملح، والتعرُّض للبخار؛ وقد يستمر ذلك الالتهاب من 7 إلى 10 أيام. [8]
التهاب الجيوب الأنفية البكتيري
في بعض الأحيان، يحدث انسداد بالجيوب الأنفيّة نتيجة امتلائها بالمخاط[9] مما قد يجعلها بيئة مناسبة لنمو البكتيريا؛ وقد يؤدي تضاعف البكتيريا داخل تجويفات الجيوب الأنفيّة إلى ظهور إفرازات مخاطيّة قيحيّة – تحتوي على المخاط والصديد. [5]
ويُمكن تمييز التهاب الجيوب البكتيري عن طريق الإفرازات المخاطيّة السميكة ذات اللون الأصفر أو الأخضر، بالإضافة إلى حدوث تسريب للمخاط من الأنف إلى الحلق – Post-nasal drip – والشعور بآلام وضغط شديد بالوجة. [8] إذا استمرّت أعراض عدوى التهاب الجيوب الأنفيّة لمدة تزيد عن 10 أيام، فغالبًا ستكون العدوى البكتيرية هي سبب ذلك الالتهاب، فيجب زيارة الطبيب لوصف المضاد الحيوي المناسب، والذي قد يحتوي على الأموكسيسلين وحمض الكلافولانيك – Amoxicillin/clavulanic acid – أو أحد المواد الفعَّالة التي تنتمي لعائلة السيفالوسبورين[9] – Cephalosporin.
التهاب البلعوم
يقع البلعوم في منتصف الرقبة، وهو حلقة الوصل بين الجهاز التَنَفُّسِي والجهاز الهضمي،[10] وقد تتسبب إحدى الفيروسات أو البكتيريا في حدوث التهابات البلعوم، وإليكم الفرق بين الالتهاب الفيروسي والبكتيري للحلق.[5]
التهاب الحلق الفيروسي
تتسبب الفيروسات في حدوث النسبة الأكبر من التهابات البلعوم – الحلق – ودائمًا ما تكون تابعة لأدوار البرد والإنفلونزا، وتتضمن الأعراض المصاحبة لالتهاب الحلق:[5]
- التعب والأرهاق.
- آلام الحلق وصعوبة البلع.
- الصداع وآلام بالعضلات.
- الحمى.
وعند زيارة المريض للطبيب، سيصف الطبيب بعض الأدوية التي ستُخفِّف من حدَّة الأعراض، كالمسكِّنات ومضادات الالتهاب مع الراحة، وشرب السوائل الدافئة والغرغرة بمحلول الملح.[11]
التهاب الحلق البكتيري
يعتبر الميكروب السبحي هو من أشهر أنواع البكتيريا المُسَبِّبة لالتهاب الحلق البكتيري، وهناك تشابه شديد بين الأعراض المصاحبة لالتهاب الحلق البكتيري والتهاب الحلق الفيروسي – السابق ذكرها – وعند زيارة الطبيب المعالج والتأكد من نوع العدوى، سيصف المضاد الحيوي المناسب لنوع البكتيريا المُسَببة لتلك العدوى[5]، والذي قد يحتوي على المواد الفعَّالة التالية:[5]
- بنسيللين جي – Penicillin G – في حالة الإصابة بالميكروب السبحي – Streptococcal bacteria.
- إريثرومايسين – Erythromycin – أو تتراسيكلين – Tetracycline – أو ماكروليد – Macrolide – في حالة الإصابة بالميكوبلازما – Mycolplasma – أو الكلاميديا – Chlamydia – نوع من أنواع البكتيريا.
التهاب لسان المزمار والتهاب الحنجرة والقصبة الهوائية
يقع لسان المزمار في الحلق، خلف اللسان، وأمام الحنجرة؛[12] أما القصبة الهوائية، فهي كالأنبوب الذي ينقل الهواء من الخارج إلى الرئتين ومن الرئتين إلى الخارج أثناء عمليّة التنفُّس.[13]
التهاب لسان المزمار
يحدث التهاب لسان المزمار – في أغلب الأحيان – عند الإصابة بإحدى أنواع البكتيريا سالبة الجرام – Hemophilus influenza – وغالبًا ما تُصيب الأطفال من عمر عامين إلى خمسة أعوام، ونادرًا ما تصيب البالغين.[5]
يتطور هذا النوع من العدوى تطورًا سريعًا، وفي معظم الأحيان تصل تلك البكتيريا إلى الدم، مما قد يسبب مضاعفات خطيرة،[5] وإليكم أعراض التهاب لسان المزمار:[5]
- الحمى وآلام بالحلق.
- بحة بالصوت وصعوبة بالبلع.
وفي خلال ساعات، يمكن أن يصل الأمر إلى ضيق شديد بالجهاز التَنَفُّسِي، وهو بالطبع أمر في غاية الخطورة، ويتطلّب سرعة التَوجُّه إلى الطبيب المختص لسرعة التَّدخُّل.[5]
التهاب الحنجرة والقصبة الهوائية
تتسبب الفيروسات في حدوث أغلب حالات التهاب الحنجرة والقصبة الهوائية، ولكن تلعب البكتيريا دورًا أيضًا في حدوث ذلك النوع من الالتهابات، وتشكل خطرًا كبيرًا خاصة عند الأطفال؛ فقد يصل الأمر لديهم إلى حدوث انسداد بمجرى الهواء.[5]
ولكن في حالة استقرار حالة المريض، فلا يستدعي الأمر سوى متابعة المريض، وإمداده بالسوائل اللازمة ووضع المريض بمكان جيد التّهوية لسهولة التنفُّس.[5]
الخلاصة
تتسبب الفيروسات في معظم التهابات الجهاز التَنَفُّسِي العلوي؛ لذلك فتناول المضادات الحيويَّة عند ظهور أي أعراض لالتهاب الجهاز التَنَفُّسِي العلوي هو أمر بالغ الخطورة، فقد يؤدي الإفراط في تناول المضادات الحيويّة إلى حدوث ضعف بمناعة الجسم، مما قد يُزيد من حدة الأعراض. لذلك فإن السبيل الآمن هو الراحة وتناول السوائل الدافئة، ويمكن استشارة الطبيب المعالج لتحديد نوع العدوى – بكتيرية أم فيروسية – لوصف العلاج المناسب.[14]
المراجع
- 20-8-2020 https://medlineplus.gov/ency/imagepages/19378.htm
- 20-8-2020 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK532961/
- 20-8-2020 https://www.medicalnewstoday.com/articles/323886#about
- https://www.healthline.com/health/acute-upper-respiratory-infection#What-is-acute-upper- respiratory-infection?
- 20-8-2020 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK8142/
- 20-8-2020 https://www.healthline.com/human-body-maps/sinus-cavities
- https://www.cdc.gov/antibiotic-use/community/for-patients/common-illnesses/sinus- infection.html
- 20-8-2020 https://www.medicalnewstoday.com/articles/307190#types
- 20-8-2020 https://www.webmd.com/cold-and-flu/are-sinus-infections-contagious
- 20-8-2020 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK544271/
- https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/sore-throat/diagnosis-treatment/drc-20351640
- https://medlineplus.gov/ency/imagepages/19595.htm
- 20-8-2020 https://www.medicalnewstoday.com/articles/trachea
- 20-8-2020 https://www.drugs.com/article/antibiotics-and-viruses.html