مقاومة المضادات الحيوية | عملية طبيعية أم مشكلة طبية حقيقة؟

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on whatsapp
مقاومة المضادات الحيوية
المحتويات

تعتبر المضادات الحيوية من أهم مجموعات الأدوية، ومن الصعب فعلًا حصر فوائد واستخدامات المضادات الحيوية ضمن المجموعات المختلفة في علاج الالتهابات البكتيرية المتعددة،ولكن تُعتبَر مقاومة المضادات الحيوية واحدة من أكبر المشاكل التي تهدد الصحّة العالميّة، الأمان الغذائي وحتى التطور، حيث يمكن لهذه المشكلة أن تؤثر على أي شخص في أي منطقة وأي عمر.[1]

تحدث مقاومة المضادات الحيوية بشكل طبيعي، ولكن الممارسات الخاطئة تسرّع من حدوثها مما يجعل عملية علاج الالتهابات المختلفة من الالتهاب الرئوي Pneumonia، السلّ Tuberculosis، السيلان Gonorrhoea وغيرها أصعب وأقل فعاليةً، كما تؤدي المقاومة تلك إلى زيادة مدة الإقامة في المستشفى، زيادة تكلفة العلاج و زيادة نسبة الوفاة.[2]

 

ماذا تعني مقاومة المضادات الحيوية Antibiotics Resistance؟

هناك بعضًا من المضادات الحيوية مما قد أثبتت فعاليتها تجاه التهاب بكتيري ما، ثم لم تعد فعّالة مع الوقت، مما يعني أن البكتيريا لم تَعُد تستجيب لهذا المضاد أو أَنها أصبحت مقاوِمةً له مما يسمى بمصطلح مقاومة المضادات الحيوية Antibiotics Resistance، حيث تعتبر مقاومة المضادات الحيوية واحدة من أكبر مشاكل النظام الصحي في العالم.[1]

تعتبر المبالغة في استخدام المضادات الحيوية Overuse  بالإضافةِ إلى استخدامها الخاطئ Misuse الكلمات المفتاحية الرئيسية للأسباب المساهمة في مقاومة المضادات الحيوية. هناك أكثر من طرف ممن يساهمون في الاستخدام الصحيح للمضادات الحيوية؛ ابتداءً من عامةِ الناس، الأطباء وأنظمة المستشفيات، كلهم يُساهِمون في تأكيد الاستخدام الصحيح للمضادات الحيوية لتقليل المقاومة التي يمكن أن تحصل.[1]

تُعتبَر الالتهابات المقاوِمة للمضادات الحيوية صعبةَ العلاج وأحيانًا من المستحيل معالجتها، وفي الولايات المتحدة الأمريكية هناك 8.2 مليون شخص يتم إصابتهم بالتهابات مقاوِمة للمضادات الحيوية وأكثر من 35000 شخص يموتون نتيجةً لذلك.[3]

 

ما هي أشكال الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية Overuse؟

إن المُبالغة في استخدام المضادات الحيوية خاصةً عندما يتم تناولها بالرغم من أنها ليست الخيار العلاجي الصحيح يساعد في تطور مقاومة المضادات الحيوية. تذكر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC أن ثلث إلى نصف الحالات التي يتم فيها استخدام المضادات الحيوية هي حالات لا يَلزَم فيها استخدامها.[1]

من الجديرِ بالذكر أن المضادات الحيوية تُعالج الالتهابات البكتيرية وليس الفيروسية، مثلًا تعتبر المضادات الحيوية خيارًا صحيحًا في علاج التهاب الحلق Strep Throat والتي تُسببها بكتيريا العقديّة المقيّحة Streptococcus Pyogenes ولكنه خيارًا غير صحيح لعلاج التهابات الحلق الفيروسية.[1] ومن أهم الالتهابات الفيروسية التي يعد فيها اختيار المضادات الحيوية اختيارًا خاطئًا:[1]

  • الرشح Cold.
  • الإنفلونزا Influenza) Flu).
  • الكحّة Coughs.
  • بعض التهابات الأذن Some ear infections.
  • بعض التهابات الجيوب الأنفية Some sinus infections.

وقد يُطرح هنا السؤال المعتاد حول ما إذا تم تناول المضادات الحيوية لعلاج الالتهابات الفيروسية، فماذا سيحصل؟ ما سيحصل حقيقةً يمكن تلخيصهُ بهذه النقاط:[1]

  • لن يتم علاج الالتهاب الفيروسي.
  • لن يحمي من نقل العدوى إلى الآخرين.
  • لن يساهم في تحسّن المريض.
  • يمكن أن يسبب أعراض جانبية مضرّة ومن غير الضروري التعرّض لها.
  • سيساهم في تطوير مقاومة للمضادات الحيوية.

 

ما الذي يدفع البكتيريا لتطوير جينات مسؤولة عن المقاومة؟

تقاوم البكتيريا المضاد الحيوي عندما يطرأ عليها تغييرات بشكلٍ أو بآخر، حيث يؤدي هذا التغيير لحماية البكتيريا من عمل المضاد الحيوي أو من معادلة تأثيره. إذا نَجَت البكتيريا من تأثير المضاد الحيوي فيمكنُها أن تتضاعف ناقلةً صفات مقاومة المضاد الحيوي للسلسلة التالية، أضف إلى ذلك أن البكتيريا يمكنها نقل صفات المقاومة لأنواع أخرى من البكتيريا وكأنها عملية غش بين أنواع البكتيريا المختلفة لتساعد بعضها على البقاء.[1] 

بالرغم من أن انتقال الجينات المقاوِمة يتم بشكلٍ مستمر، إلا أن غالبية هذه التغييرات الجينية لا تؤدي لظهور عوامل جديدة تساهم في عملية المقاومة في أنواع الكتيريا إلا إذا كان هنالك ضغط اختيار للمحافظة على تلك التغييرات.[4]

إن ظهور عوامل جديدة مسؤولة عن مقاومة المضادات الحيوية يمكن أن يحدث في أي زمان وأي مكان، وعندما نتذكر بأن عدد خلايا البكتيريا على سطح الأرض يُقدّر ب 1030 أي ألف مليار مليار مليارات، فيوفر هذا العدد الضخم تنوع هائل في المواد الوراثية ويمنح فرص متعددة لحدوث طفرات Mutations، إعادة ترتيب Rearrangements أو نقل الجينات الأفقي Horizontal gene transfer. ولكن، ما زال هناك العديد من الأسباب التي تفسر عدم وجود هذا العدد الهائل المتوقع من الطفرات أو التعييرات الجينية. ومن هذه الأسباب هو أن ثبات عوامل المقاومة يحتاج عادةً لتكلفة الصلاحية أو الاصطفاء Fitness cost، وتكون هذه التكلفة عالية للجينات التي تحمل تغييرات جديدة جالِبةً معها صفات المقاومة للبكتيريا، فمن الممكن ألا يتم اصطفائها بشكل جيد.[4] 

 

كيف يمكننا الحد من مشكلة مقاومة المضادات الحيوية؟

يمكن اتخاذ إجراءات تتعلق بأكثر من مرحلة من ضمن المراحل التي تتطور فيها مقاومة المضادات الحيوية ويتم تطبيقها على كل فئات المجتمع مما سيساهم في الحد من انتشار المشكلة وآثارها السلبية، وقسّمت منظمة الصحة العالمية WHO الإجراءات المتخذة على أكثر من فئة كلٌ منها مسؤول عن تنفيذ جزءٍ من مهمةِ الحد من تفاقمِ المقاومة، والفئات هي؛ الأفراد، صانعو القرار، أخصائيو الرعاية الصحية وقطاع الرعاية الصحية. فيما يلي نذكر المهام المنوطة بكل من هذه الجهات المختلفة:[2]

 

الأفراد

  • حاول دائمًا أن تتجنب الإصابة بالالتهابات من خلال الحفاظ على نظافة اليدين، النظافة خلال تحضير الطعام، تجنب التعرض المباشر والقريب للمرضى حتى لا تُنقَل لكَ العدوى وحافظ على جدول المطاعيم دائمًا حتى لا يفوتك.
  • استخدام المضادات الحيوية فقط عندما يتم وصفها من قِبَل مختص صحّي مُرخّص Certified health professional.
  • لا تطلب المضادات الحيوية بعد توضيح المُختص الصحي لكَ أنه لا حاجة لها في حالتك المرضية.
  • لا تُشارك ما تبقّى من علبة المضاد الحيوي لديك مع الآخرين.

 

صانعي القرار

  • التأكد من وجود خطة وطنية للتصدي لمشكلةِ مقاومة المضادات الحيوية وهي في بدايتها.
  • تحسين وتطوير نظام مراقبة الالتهابات المقاوِمة للمضادات الحيوية المختلفة.
  • توفير المعلومات الكافية للعُموم عن آثارِ مقاومة المضادات الحيوية.

 

أخصائيين الرعاية الصحية Healthcare professionals

  • التأكد من نظافة اليدين، الأدوات المستخدمة والبيئة المحيطة.
  • وصف وصرف المضادات الحيوية عند الحاجة لها وفقًا للتوجيهات الأحدث Guidlines.
  •  إبلاغ الفِرَق المُختصة عن المراقبة فور تطور التهاب مقاوِم للمضادات الحيوية.
  • تقديم المشورَة للمريض بِما يخُص استخدامه الصحيح للمضادات الحيوية.

 

صناعة الرعاية الصحية Healthcare Industry

  • الاستثمار في مجالات البحث والتطوير للبحث دائمًا عن مضادات حيوية جديدة، تطوير مطاعيم جديدة وأدوات أخرى تساعد على التشخيص مما قد يساهم في الحد من مشكلة المقاومة.

 

المراجع

  1.    https://www.mayoclinic.org/healthy-lifestyle/consumer-health/in-depth/antibiotics/art-20045720 ,08-08-2020
  2. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/antibiotic-resistance#:~:text=Antibiotic%20resistance%20occurs%20when%20bacteria,caused%20by%20non%2Dresistant%20bacteria. ,08-08-2020
  3. https://www.cdc.gov/drugresistance/about.html ,08-08-2020
  4. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5812547/ ,08-08-2020
مضادات الالتهاب اللاستيرويدية الآمنة لمرضى القلب
أدوية وعلاجات

مضادات الالتهاب اللاستيرويدية NSAIDs لمرضى القلب

تترافق زيادة الأعمار مع زيادة أعداد المرضى الذين يعانون من الأمراض القلبية الوعائية أو من هم مُعرّضون لخطر الإصابة بها. وكما تترافق أيضًا مع هذه الأمراض الإصابة بالتهاب المفاصل وغيرها من المشاكل العضلية الهيكلية.[1]  مما يستدعي المريض للاستعانة بالعلاجات وغيرها لتحسين كفاءة حياته اليومية، لذا يحتاج المرضى غالبًا إلى استخدام مضادات

معرفة المزيد »
أدوية وعلاجات

المسكنات الآمنة لمرضى الكلى

إن اختيار المسكنات المناسبة لمرضى الكلى مثل المرض الكلوي المزمن (بالإنجليزية: Chronic kidney disease CKD) هو أمر شائك؛ حيث يمكن لبعض من هذه الأدوية التي يتخلص منها الجسم عن طريق الكلى أن تتراكم، وبعضها الآخر تزداد سميتها وآثارها الجانبية عند هؤلاء المرضى. هناك أدلة تثبت بأن الألم عند هؤلاء المرضى لا

معرفة المزيد »
أدوية وعلاجات

الباراسيتامول والكافيين: ماذا وراء إضافة الكافيين للباراسيتامول؟

يرجع اكتشاف مادة الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) إلى عام 1887، حينما أعلن الصيدلي الألماني جوزيف فون مرينغ عن مادة الباراسيتامول ولكن كان لديه بعض الشكوك حول سلامة وأمان هذه المادة. وفي عام 1950، أثبتت الأبحاث سلامة وأمان مادة الباراسيتامول، واستمر استخدامها حتى وقتنا الحالي كعلاج مسكِّن وخافض للحرارة للبالغين، والأطفال، وكبار السن

معرفة المزيد »
مضادات الالتهاب اللاستيرويدية NSAIDs
أدوية وعلاجات

مضادات الالتهاب اللاستيرويدية NSAIDs

تحتل مضادات الالتهاب اللاستيرويدية NSAIDs مكانة بالغة الأهمية في السيطرة على الأعراض المصاحبة للعديد من المشاكل الصحيّة والأمراض، حيث يتوافر منها في الأسواق التجارية في أنحاء العالم أكثر من 20 دواء[1] تُصنّف ضمن 6 مجموعات رئيسية وفقًا لتركيبها الكيميائي.[2] تُستَخدَم أفراد هذه العائلة لما تمتاز به من فعالية في تسكين الألم،

معرفة المزيد »
مدة صلاحية الدواء بعد فتحه
أدوية وعلاجات

مدة صلاحية الدواء بعد فتحه: ما هي صلاحية الأدوية بالمنزل؟

يُصاب الكثير من الأشخاص بالحيرة البالغة اتجاه صلاحية الأدوية بالمنزل بعد الفتح، والتي بالطبع تختلف تبعًا لتركيبة الدواء، والشكل الصيدلاني (بالإنجليزية: Dosage Form). فعلى سبيل المثال، تختلف صلاحية أدوية الشراب بعد الفتح عن صلاحية المراهم، وكذلك عن قطرات العين والأنف والأذن. لذلك سنتحدث في هذا المقال عن الاختلافات في مدة صلاحية

معرفة المزيد »
الخيارات العلاجية للصداع النصفي
غير مصنف

الخيارات العلاجية لمرضى الصداع النصفي

ما هو الصداع النصفي أو الشقيقة (بالإنجليزية: Migraine)؟ هو أحد أنواع الصداع، يرافقهُ أحيانًا بعض الأعراض مثل الغثيان، الاستفراغ، رُهاب الضوء (Photophobia) [2]  أو حساسية الضوء، رُهاب الضوضاء (Phonophobia)،[2] رُهاب الروائح (Osmophobia)،[2]  والصوت، يوصَف الألم الذي يُحدِثُهُ هذا النوع بالألم النابِض (Throbbing pain) ويتم الشعور بهِ عادةً وليسً دائمًا في جهة

معرفة المزيد »
أمراض نفسية

الأرق (Insomnia): كيف يتم علاجه؟

إن الأرق هو إحدى اضطرابات النوم الذي يتميز بتكرار صعوبة البدء في النوم، الاستمرار بالنوم أو ضعف كفاءته على الرغم من وجود وقتٍ كافٍ وتوفر الفرصة المناسبة للنوم، ما ينتهي بتأثر نشاط الشخص وإنتاجيته في اليوم التالي.[1] إنهُ واحدًا من أكثر المشاكل الطبية شيوعًا، حيث سجل حوالي ثلث البالغين صعوبة في

معرفة المزيد »
علاقة الرشح بالجو البارد
أمراض الجهاز التنفسي

الرشح والجو البارد | ما هي حقيقة العلاقة؟ وهل هناك مفاهيم خاطئة بشأنها؟

مع مرور الوقت، تصبح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالطب والأدوية أكثر شيوعًا، بالأخص مع توافر العديد من المصادر المتنوعة للمعرفة عن طريق الإنترنت والتي تطرح مفاهيم خاطئة ونظريات طبية غير موثّقة.[1] على المريض دومًا أن يحرص على أن يكون مصدر معلوماته فيما يتعلّق بالأدوية مصدرًا موثوقًا كي يتجنّب الخرافات والمعلومات الخاطئة Myths

معرفة المزيد »
علاج السعال
أمراض الجهاز التنفسي

السعال (Cough): كيف يتم علاجه؟

يعتبر السعال أو الكحّة (بالإنجليزية: Cough) أمرًا شائِعًا جدًا،[1] ويُعرّف بأنهُ ردّة فِعل من الجسم يُحافظ من خلالها على نظافة الحلق والمجاري التنفسية، بالرغمِ من أن السعال أمر مزعج إلا أنه يساعد الجسم على حمايةِ نفسه  بِنَفسِه.[2]  يمكن للسعال أن يكون واحدًا من أعراض العديد من الأمراض المختلفة.[1] سنتطرق في هذه

معرفة المزيد »
أدوية وعلاجات

الأسبرين: معلومات شاملة عن دواء يستخدم منذ قرن من الزمان

منذ عام 400 قبل الميلاد، استُخدِم لحاء شجرة الصفصاف لعلاج الالتهابات والحمى؛ فقد اعتاد الناس منذ عهد أبقراط على مضغ لحاء الصفصاف -weeds bark- للتخلص من أي التهابات أو ارتفاع في درجات الحرارة إلى أن استُخلِصَت مادة الساليسيليت -المسؤولة عن تلك الوظيفة- من هذه الشجرة ليظهر دواء الأسبرين والذي يُستخدَم منذ

معرفة المزيد »
اذهب إلى الأعلى