هل شعرت يوماً أنك فقدت متعة الحياة، وأن حياتك أصبحت بلا قيمة، وبلا هدف، وأنك تريد الهروب؟
تبدو وكأنك شخص آخر لا تعرفه؛ شخص وحيد، حزين، ضعيف، لا يملك السيطرة على مشاعره أو أفعاله.
لا تقلق، فإنك لست وحدك مَن تعاني من هذه الحالة، فهناك الكثير الذَّين يعانون من مرض الاكتئاب.

فطبقا لإحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية – The World Health Organization – هناك أكثر من 264 مليون شخص يعانون من مرض الاكتئاب حول العالم في مختلف المراحل العمرية؛ وهناك أكثر من 19 مليون بالغ ومراهق يعانون من مرض الاكتئاب بالولايات المتحدة الأمريكية فقط، فمرض الاكتئاب هو مرض عالمي، ليس حديث العهد علينا، لذلك إلمامك بتفاصيل هذا المرض هو أمر بالغ الأهمية؛ حتى تستطيع التعامل معه.1

تعريف الاكتئاب

الاكتئاب هو خلل في الدماغ، ينتج عنه مشاعر الحزن  والأسى، وفقدان المتعة في الحياة؛ ويُعرف أيضاً بالاضطراب الاكتئابي الكبير – Major Depressive disorder. 

يُصيب الاكتئاب كافة المراحل العمرية، فهو يُصيب البالغين وكبار السن، وكذلك يُصيب الأطفال والمراهقين؛ وقد تجد النساء أكثر عُرضة للاكتئاب من الرجال.2

 

أعراض الاكتئاب الحاد

تختلف أعراض الاكتئاب الجسيم من أعراض بسيطة – الاكتئاب الخفيف – إلى أعراض متوسطة أو وخطيرة؛ وهذه أعراض الاكتئاب بالتفصيل:

  • شعور بالحزن والقلق.
  • إحساس بالذنب وانعدام القيمة.
  • فقدان الأمل والتشاؤم.
  • الافتقاد إلى السعادة والمتعة عند القيام بأي نشاط، حتى لو كان نشاطاً محبب إليك قبل ذلك.
  • اضطرابات في الذاكرة والتركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات.
  • مواجهة الكثير من الصعوبات في فترات العمل، وخلال الأنشطة الاجتماعية، وفي العلاقات الأسرية أيضاً.
  • تغيير في الشهية، وقد يصحبها إما زيادة في الوزن، أو فقدان للوزن.
  • عدم انتظام ساعات النوم، فقد تعاني من النوم لساعات طويلة، أو تعاني من الأرق الشديد.
  • إحساس بالتوتر وعدم الراحة، طبقاً لما أثبتته إحدى الدراسات أن 70% من مرضى الاكتئاب لديهم أعراض القلق والتوتر، مما قد يجعل العلاج أكثر صعوبة عند هؤلاء الأشخاص.3
  • فقدان الطاقة، وعدم القدرة على إنجاز الأشياء مع الشعور بالإرهاق.
  • رغبة في الانتحار والتخلص من الحياة.

 

إذا كنت تعاني من الأعراض السابقة أو بعض منها، وقد استمرت لمدة أسبوعين متتاليين فيما أكثر، فقد تكون مصاباً بالاكتئاب.

 

أعراض الاكتئاب عند الأطفال والمراهقين

كما ذكرنا، أن الاكتئاب قد يُصيب صغار السن أيضاً، كالأطفال والمراهقين؛ فيجب على الأهل الانتباه إلى الأعراض، ومحاولة التعامل معها بحكمة مع ضرورة الاستعانة بالمختصين إذا لزم الأمر، وإليكم بعض الأمثلة لتلك الأعراض:

  • اللامبالاة، والانعزال عن الأهل والأصدقاء.
  • مشاكل في التركيز، وانخفاض المستوى الدراسي.
  • الأرق والإرهاق.
  • فقدان للوزن.
  • الصداع، وآلام بالبطن.
  • إدمان الكحوليات أو المخدرات.4

 

ما هي أسباب الاكتئاب؟

قد يجد الطبيب المعالج صعوبة بالغة في معرفة السبب الرئيسي للاكتئاب عند المريض، ما لم يساعده المريض في ذلك؛ ولكن هناك بعض الأسباب الشائعة لمرض الاكتئاب، والتي تتضمن الآتي:

  • تاريخ العائلة: فقد تزداد نسبة إصابتك بالاكتئاب، إذا كان أحد أفراد عائلتك يعاني من الاكتئاب.
  • الأمراض المزمنة، ولاسيما إذا كانت تصاحبها بعض الآلام أيضاً.
  • الأرق، واضطراب الهرمونات عند النساء خلال فترة الحمل، وبعد الولادة، وعند انقطاع الطمث.
  • التعرض للصدمات، ولمشاعر الحزن الشديد التي تعقب الانفصال عن الأحبة، أو موت شخص قريب.
  • تناول بعض الأدوية، مثل: الأيزوتريتينوين – Isotretinoin – والإنترفيرون ألفا – Interferon Alpha – والديكساميثازون – Dexamethasone.
  • الإدمان والمبالغة في تناول الكحوليات.5

 

عوامل الخطر

هناك بعض العوامل المحفزة لمرض الاكتئاب تسمى بعوامل الخطر، فإذا كانت لديك إحدى هذه العوامل، فنسبة إصابتك بالاكتئاب ستُصبح أكثر من غيرك:

  • إذا كانت تَغلُب عليك هذه الصفات: التشاؤم وجلد الذات، شعور بانعدام القيمة والاعتماد الزائد على الآخرين.
  • إذا تعرضت لصدمات قوية في حياتك، كَموت عزيز، أو فقدان شخص قريب إليك، أو كارثة مالية.
  • إذا كان أحد أفراد عائلتك لديه تاريخ مرضي بالاكتئاب.
  • إذا كان لديك تاريخ مرضي بالإصابة بأحد الأمراض العقلية.
  • إذا كنت تعاني من أحد الأمراض المزمنة، مثل: مرض السرطان، أو السكتة الدماغية، أو إحدى أمراض القلب.
  • إدمان الكحوليات والمخدرات.
  • الأشخاص الّذين يعانون من الشذوذ الجنسي هم أكثر عرضة للاكتئاب من غيرهم.
  • تناول بعض الأدوية، مثل: بعض أدوية الضغط، والأقراص المُنوِمة.

بالإضافة إلى ذلك، فكونك امرأة يجعلك أكثر عرضة للاكتئاب؛ فنسبة النساء المصابين بالاكتئاب حوالي ضعف نسبة الرجال الذين يعانون من مرض الاكتئاب.

 

ما هي مضاعفات مرض الاكتئاب؟

إذا تجاهلت أعراض الاكتئاب، فقد تلاحقها مضاعفات خطيرة،لذلك يجب عليك السيطرة على نوبات الاكتئاب المتكررة، ومعرفة أسبابها؛ تجنباً لمثل هذه المضاعفات الخطيرة، والتي تشمل:

  • شعور مبالغ بالقلق، والخوف الشديد، والرهب الاجتماعي.
  • الانعزال الاجتماعي.
  • اضطراب العلاقة مع الأهل، والأصدقاء، وزملاء العمل أو الدراسة.
  • الإصابة ببعض الأمراض العضوية، والمعاناة من بعض الآلام الجسدية.
  • زيادة شديدة في الوزن، مما قد يؤدي للإصابة بمرض السكري أو أمراض القلب.
  • إدمان المخدرات والكحوليات.
  • أذى النفس، وميول انتحارية، قد تصل إلى الانتحار أحياناً.6

 

الوقاية خير من العلاج

لكي تقي نفسك من خطر الإصابة بالاكتئاب، عليك الاهتمام بصحتك الجسدية والجسمانية؛ وإليك بعض الخطوات التي تساعدك على ذلك:

  • تقليل الضغط النفسي والعصبي قدر الإمكان.
  • ممارسة الرياضة.
  • أخذ قسط مناسب من النوم، لا يقل عن 7 ساعات يومياً.
  • الحرص على تكوين علاقات اجتماعية جديدة.

وإذا لاحظت تكرار نوبات الاكتئاب المفاجىء لديك، فيجب عليك معرفة أسباب مثل هذه النوبات؛ لمحاولة التحكم فيها فيما بعد.

 

خطوات العلاج

استشارة الطبيب المعالج

في بعض الأحيان ستحتاج لزيارة المعالج النفسي، للتحدث معه عما يدور بداخلك من مشاعر وأفكار ومشاكل في حياتك؛ فإفصاحك عما بداخلك سيساعدك في تحديد السبب الرئيسي في الاكتئاب حتى يستطيع الطبيب المعالج أن يضع لك الخطة العلاجية المناسبة؛ وتتلخص أهداف العلاج في النقاط التالية:

  • تحسين حالتك النفسية، والتغلب على مشاعر القلق والخوف.
  • معرفة الأسباب الرئيسية لإصابتك بالاكتئاب، ووضع خطة تساعدك في التغلب عليها فيما بعد.
  • تحسين علاقتك بالأهل والأصدقاء.
  • الحد من التدخين، والابتعاد عن الكحوليات والمخدرات.

 

الأدوية المضادة للاكتئاب

قد يصف إليك طبيبك المعالج بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، وقد تتحسن أعراض الاكتئاب لديك خلال أيام بعد تناول الدواء، ولكن قد يحتاج بعض الأشخاص فترة أطول من ذلك، قد تصل إلى شهر في بعض الأحيان؛ وفي جميع الأحول، يجب أن تحرص على الآتي:

  • الالتزام بالجرعات التي يصفها لك الطبيب.
  • أخبر طبيبك المعالج إذا كنت تعاني من أي مرض مزمن، أو تتناول أي أدوية.
  • أخبر طبيبك إذا لاحظت أي أثر جانبي للدواء.
  • قد تتعارض بعض الأدوية المضادة للاكتئاب مع الحمل والرضاعة، لذلك يجب عليكِ إخبار طبيبك المعالج عن    هذه التفاصيل.
  • لا تتوقف عن تناول الدواء بشكل مفاجىء – دون إخبار طبيبك المعالج – فقد يؤدي ذلك إلى زيادة حدة الاكتئاب لديك.

وأخيراً، احذر أن تتناول هذه الأدوية من تلقاء نفسك، دون إشراف الطبيب المعالج، فهذا شيء بالغ الخطورة.7

 

الخلاصة

يخجل الكثير من الإفصاح بالاكتئاب، مما قد يؤدي إلى زيادة حدته عند هؤلاء الأشخاص ليصل الأمر إلى الاكتئاب المزمن؛ وهذا ما اثبتته الإحصائيات الحديثة، أن حوالي 85% ممن يعانون من الاكتئاب – بالدول منخفضة ومتوسطة الدخل – لا يتلقوا العلاج المناسب.

وهنا يجب أن نتوقف ونعلم أن المرض النفسي ليس وصمة عار لصاحبه – كما يظن البعض – ولكن شأنه من شأن المرض العضوي، فهو يحتاج استشارة المختصين، والعلاج الدوائي أحياناً.

فاحرص على الحفاظ على صحتك النفسية والجسمانية معاً، ولا تتردد في طلب مساعدة من حولك حتى تسترجع سلامك النفسي وتتمتع بحياة هادئة وهنيئة.

المصادر

  1. https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/depression
  2. https://medlineplus.gov/depression.html
  3. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4194005/
  4. https://www.webmd.com/depression/understanding-depression-symptoms
  5. https://www.healthline.com/health/depression#causes
  6. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/depression/symptoms-causes/syc-20356007
  7. https://www.cdc.gov/tobacco/campaign/tips/diseases/depression-anxiety.html